في غضون أقل من ثلاث سنوات، تحوّل تشات جي بي تي من تجربة تقنية محدودة إلى أعظم ظاهرة رقمية في تاريخ الذكاء الاصطناعي. فقد تجاوز عدد مستخدميه النشطين 800 مليون أسبوعيًا، في قفزة غير مسبوقة جعلته يصل إلى ما يقارب عُشر سكان العالم البالغين. يعالج هذا النظام يوميًا مليارات الرسائل، بمعدل عشرات الآلاف من الاستفسارات في الثانية الواحدة، مما يبرهن على أنه لم يعد مجرد تطبيق، بل أصبح بنية تحتية جديدة للعصر الرقمي.
لم تعد حدود هذه الثورة مقتصرة على الدول المتقدمة، إذ يشهد العالم العربي أيضًا ارتفاعًا ملحوظًا في الاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي في مجالات التعليم، الإعلام، التسويق، وحتى البحث العلمي. وقد أصبحت المنصة أداة يستخدمها الطلاب لتطوير بحوثهم، والمهنيون لتحسين إنتاجيتهم، والشركات الناشئة لتوسيع أعمالها بسرعة وكفاءة غير مسبوقة.
يرى الخبراء أن السر وراء هذا الانتشار المذهل يكمن في بساطة الواجهة، وسرعة الوصول إلى المعرفة، وقدرة النظام على التفاعل شبه الإنساني مع المستخدمين بلغاتهم وخلفياتهم المختلفة. لم يعد تشات جي بي تي مجرد مساعد لغوي، بل تطوّر ليصبح جزءًا من التجربة اليومية للإنسان الحديث، يكتب النصوص، يدير الحوارات، ويقدّم الاستشارات التقنية والإبداعية بذكاء يتطور باستمرار.
في نظر العديد من الباحثين، ما نعيشه اليوم ليس مجرد موجة تكنولوجية عابرة، بل بداية تحوّل شامل في طريقة تفاعل البشر مع المعلومة والتفكير والإبداع. وكما شكّل الإنترنت نقطة الانطلاق لعصر الاتصالات، يبدو أن الذكاء الاصطناعي التفاعلي، ممثلًا في تشات جي بي تي، يرسم طريق العالم إلى عصر جديد، يصبح فيه الحوار بين الإنسان والآلة القاعدة لا الاستثناء.

