أصدرت محكمة فدرالية في فلوريدا حكماً بالسجن عشر سنوات بحق الشاب الأميركي نوح مايكل أوربان، البالغ من العمر عشرين عاماً، بعدما ثبت تورطه في عمليات اختراق نفذتها مجموعة القرصنة الشهيرة "سبايدر المتفرقة" التي استهدفت شركات كبرى وأفراداً خلال العامين الماضيين. الحكم، الذي تضمن أيضاً إلزام أوربان بدفع تعويضات تصل إلى 13 مليون دولار لما يقارب 59 ضحية، يعد بمثابة أول إدانة بارزة لأحد أعضاء هذه الشبكة التي برز اسمها عالميّاً عقب سلسلة من الاختراقات عالية المستوى.
التحقيقات أظهرت أن أوربان، المعروف بأسماء حركية متعددة في منتديات القراصنة، تخصص في أسلوب ما يعرف بـ"استبدال الشريحة" أو **SIM Swapping**، عبر خداع شركات الاتصالات للاستيلاء على أرقام ضحاياه وبالتالي الوصول إلى حساباتهم الرقمية وسرقة عملاتهم المشفرة. ورغم إقراره بتحقيقه ملايين الدولارات، فقد أكد أنه خسر معظمها في أنشطة المراهنات على الإنترنت، بينما تمكنت السلطات عند مداهمة منزله من مصادرة ما يقارب 2,9 مليون دولار من العملات الرقمية التي ارتفعت قيمتها لاحقاً.
القضية أثارت جدلاً إضافياً حين كشف أوربان أن قضاة اتحاديين كانوا أنفسهم هدفاً لمحاولات اختراق من جانب أعضاء آخرين في المجموعة، وهو ما أكدته وثائق المحكمة التي أشارت إلى سرقة لائحة اتهام سرية تخصه عقب خداع متعاقد في مجال تكنولوجيا المعلومات. هذه الواقعة عكست مدى الجرأة التي وصلت إليها التحركات الهجومية لمجموعة "سبايدر المتفرقة"، التي تمزج بين الخداع البشري والاختراقات التقنية لإرباك المؤسسات واستغلال الثغرات.
ورغم أن توقيف أوربان يمثل إنجازاً لجهود الملاحقة، فإن نشاط المجموعة ما زال يشكل تهديداً واسعاً للشركات العالمية. فقد ارتبط اسمها باختراقات كبرى من بينها الهجوم على كازينوهات MGM وCaesars في لاس فيغاس عام 2023، والذي كبد الأولى أكثر من 100 مليون دولار. كما رصدت شركات أمن سيبراني مثل "مانديانت" توسع نشاط القراصنة ليشمل قطاعات جديدة خلال العامين الأخيرين، بدءاً من شركات تجزئة في بريطانيا وصولاً إلى شركات التأمين والرحلات الجوية في الولايات المتحدة وأستراليا.
وعلى الرغم من توقيف بعض القيادات، بمن فيهم المشتبه في أنه العقل المدبر تايلر بيوكانان في إسبانيا عام 2024، إلى جانب اعتقالات جماعية في بريطانيا العام الجاري، فإن البنية اللامركزية للمجموعة توفر لها هامشاً للاستمرار والتكيف. خبراء الأمن السيبراني يؤكدون أن طبيعة هذه التشكيلات، التي تعتمد على استغلال العامل النفسي واستهداف الموظفين أكثر من الاعتماد فقط على البرمجيات الخبيثة، تجعلها تحدياً معقداً أمام أجهزة إنفاذ القانون.
الحكم على أوربان، الذي يُنظر إليه كخطوة أولى في سلسلة محاكمات مقبلة، يعكس اتجاهاً قضائياً متشدداً تجاه الجرائم الإلكترونية، لكنه أيضاً يبرز التحدي المستمر في مواجهة جيل جديد من القراصنة الذين لا يتعاملون مع أنشطتهم باعتبارها جرائم، بل ينظرون إليها كـ"لعبة" أو مساحة للتحدي، بينما يظل الثمن الحقيقي مدفوعاً من ضحايا خسروا مدخراتهم وأحياناً فرصاً حياتية حاسمة.