يشهد المغرب بروز منظومة متكاملة من الشركات الناشئة التي تسعى لإيجاد حلول مبتكرة لمواجهة تحديات العصر الرقمي. لم تعد حماية الشبكات وأنظمة المعلومات مجرد خيار، بل تحولت إلى جبهة استراتيجية تتقاطع فيها رهانات الابتكار المحلي، السيادة الرقمية، والفرص الإقليمية.
تشير التقارير إلى أن الهجمات الإلكترونية على المؤسسات المغربية ازدادت بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، مما دفع العديد من الشركات إلى الاستثمار في تقنيات الحماية وتبني أفضل الممارسات العالمية، مثل استخدام الجدران النارية، أنظمة كشف التسلل، وتشفير البيانات الحساسة5. ومع ذلك، يبقى التحدي الأكبر في مواكبة تطور الهجمات، خاصة مع ظهور هجمات تعتمد على الذكاء الاصطناعي وتستهدف مختلف القطاعات دون استثناء7.
في هذا السياق، تبرز شركات ناشئة مغربية مثل "Defendis" التي طورت منصة متقدمة لرصد التهديدات السيبرانية بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي، ما يمكّن المؤسسات من اكتشاف الثغرات والتصدي لمحاولات الاختراق قبل وقوعها2. وتستهدف هذه الحلول المؤسسات ذات الموارد المحدودة، مما يعزز شمولية الحماية الرقمية ويجعلها متاحة لمختلف الفاعلين الاقتصاديين.
من جهة أخرى، يشكل الاستثمار في البنية التحتية السحابية المحلية (cloud souverain) وتوطين خدمات الأمن السيبراني أحد أعمدة السيادة الرقمية المغربية. فقد شهدت فعاليات "Gitex Africa 2025" توقيع شراكات استراتيجية بين فاعلين محليين ودوليين، مثل التعاون بين "Maroc Data Center" و"Nucleon Security" لتقديم حلول حماية متكاملة تعتمد على الذكاء الاصطناعي وتلتزم بالمعايير الوطنية للخصوصية والامتثال84. هذه الدينامية تعكس طموح المغرب للتحول من مستهلك للتقنيات إلى منتج ومصدر للحلول الرقمية، مع التركيز على حماية البيانات الوطنية وتعزيز الثقة في الاقتصاد الرقمي.
ولا يقتصر التحول على الجانب التقني فقط، بل يشمل أيضًا تعزيز التعاون الدولي وتطوير الأطر القانونية والمؤسساتية، كما يتضح من مشاركة المغرب في اتفاقيات دولية مثل اتفاقية بودابست حول الجريمة السيبرانية، ومبادرات إقليمية تهدف إلى رفع القدرات الوطنية في مواجهة الجرائم الإلكترونية3.
في المحصلة، يخطو المغرب بثبات نحو بناء منظومة رقمية متماسكة، حيث تلتقي ريادة الأعمال الشابة مع دعم الدولة والشراكات الدولية لخلق بيئة آمنة وابتكارية. ومع استمرار تصاعد التهديدات، فإن رهان المغرب على الابتكار المحلي والسيادة الرقمية قد يكون مفتاحه نحو ريادة إقليمية في مجال الأمن السيبراني.